سورة هود - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


قوله عز وجل: {الر كِتَابٌ} يعني القرآن.
{أُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أحكمت آياته بالأمر والنهي ثم فصلت بالثواب والعقاب، قاله الحسن.
الثاني: أحكمت آياته من الباطل ثم فصلت بالحلال والحرام والطاعة والمعصية، وهذا قول قتادة.
الثالث: أحكمت آياته بأن جعلت آيات هذه السورة كلها محكمة ثم فصلت بأن فسرت، وهذا معنى قول مجاهد.
الرابع: أحكمت آياته للمعتبرين، وفصلت آياته للمتقين. الخامس: أحكمت آياته في القلوب، وفصلت أحكامه على الأبدان.
{مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} فيه وجهان:
أحدهما: من عند حكيم في أفعاله، خبير بمصالح عباده.
الثاني: حكيم بما أنزل، خبير بمن يتقبل.
قوله عز وجل {أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ} فيه وجهان:
أحدهما: أن كتبت في الكتاب {أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ}
الثاني: أنه أمر رسوله أن يقول للناس {أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ}.
{إنَّنِي لَكُم مِّنُهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} قال ابن عباس: نذير من النار، وبشير بالجنة.
قوله عز وجل: {وَأَنِ اسْتَغفْفِرُواْ رَبَّكمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ} فيه وجهان:
أحدهما: استغفروه من سالف ذنوبكم ثم توبوا إليه من المستأنف متى وقعت منكم. قال بعض العلماء: الإٍستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين. الثاني: أنه قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب والتوبة هي السبب إليها، فالمغفرة أولٌ في الطلب وآخر في السبب.
ويحتمل ثالثاً: أن المعنى استغفروه من الصغائر وتوبوا إليه من الكبائر {يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً} يعني في الدنيا وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه طيب النفس وسعة الرزق.
الثاني: أنه الرضا بالميسور، والصبر على المقدور.
الثالث: أنه ترْك الخلق والإقبال على الحق، قاله سهل بن عبد الله ويحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه الحلال الكافي.
الثاني: أنه الذي لا كد فيه ولا طلب.
الثالث: أنه المقترن بالصحة والعافية.
{إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: إلى يوم القيامة، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: إلى يوم الموت، قاله الحسن. الثالث: إلى وقت لا يعلمه إلا الله تعالى، قاله ابن عباس.
{وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} فيه وجهان:
أحدهما: يهديه إلىلعمل الصالح، قاله ابن عباس.
الثاني: يجازيه عليه في الآخرة، على قول قتادة. ويجوز أن يجازيه عليه في الدنيا، على قول مجاهد.
{وَإن تَوَلَّوْا} يعني عما أُمرتم له.
{فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} وفيه إضمار وتقدير: فقل لهم إني أخاف عليكم عذاب يوم كبير يعني يوم القيامة وصفه بذلك لكبر الأمور التي هي فيه.


قوله عز وجل: {أَلاَ إنَّهُمُ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: يثنون صدورهم على الكفر ليستخفوا من الله تعالى، قاله مجاهد. الثاني: يثنونها على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم ليخفوها عنه، قاله الفراء والزجاج.
الثالث: يثنونها على ما أضمروه من حديث النفس ليخفوه عن الناس، قاله الحسن. الرابع: أن المنافقين كانوا إذا مرّوا بالنبي صلى الله عليه وسلم غطوا رؤوسهم وثنوا صدورهم ليستخفوا منه فلا يعرفهم، قاله أبو رزين.
الخامس: أن رجلاً قال إذا أغلقت بابي وضربت ستري وتغشيت ثوبي وثنيت صدري فمن يعلم بي؟ فأعلمهم الله تعالى أنه يعلم ما يسرون وما يعلنون.
{أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمُ} يعني يلبسون ثيابهم ويتغطون بها، ومنه قول الخنساء:
أرعى النجوم وما كُلّفتُ رعيتها *** وتارةً أتغشّى فضل أطماري
وفي المراد ب {حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} أربعة أقاويل:
أحدها: الليل يقصدون فيه إخفاء أسرارهم فيما يثنون صدورهم عليه. والله تعالى لا يخفى عليه ما يسرونه في الليل ولا ما يخفونه في صدروهم، فكنى عن الليل باستغشاء ثيابهم لأنهم يتغطون بظلمته كما يتغطون إذا استغشوا ثيابهم.
الثاني: أن قوماً من الكفار كانوا لشدة بغضتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يستغشون ثيابهم يغطون بها وجوههم ويصمون بها آذنهم حتى لا يروا شخصه ولا يسمعوا كلامه، وهو معنى قول قتادة.
الثالث: أن قوماً من المنافقين كانوا يظهرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم بألسنتهم أنهم على طاعته ومحبته، وتشتمل قلوبهم على بغضه ومعصيته، فجعل ما تشتمل عليه قلوبهم كالمستغشي بثيابه.
الرابع: أن قوماً من المسلمين كانوا يتنسكون بستر أبدانهم ولا يكشفونها تحت السماء، فبين الله تعالى أن المنسك ما اشتملت قلوبهم عليه من معتقد وما أظهروه من قول وعمل.
ثم بيَّن ذلك فقال: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ما يسرون في قلوبهم وما يعلنون بأفواههم.
الثاني: ما يسرون من الإيمان وما يعلنون من العبادات.
الثالث: ما يسرون من عمل الليل وما يعلنون من عمل النهار، قاله ابن عباس.
{إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} قيل بأسرار الصدور. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق الثقفي.


قوله عز وجل: {وَيَعْلَمُ مُستَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدعَهَا} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: مستقرها حيث تأوي، ومستودعها حيث تموت.
الثاني: مستقرها في الرحم، ومستودعها في الصلب، قاله سعيد بن جبير.
الثالث: مستقرها في الدنيا، ومستودعها في الآخرة.
ويحتمل رابعاً: أن مستقرها في الآخرة من جنة أو نار، ومستودعها في القلب من كفر أو إيمان.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8